کد مطلب:355664 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:356

معنی إذهاب الرجس والارادة


ننتقل الان إلی النقطة الثانیة فی الایة المباركة، وهی معنی إذهاب الرجس (إِنَّمَا یُرِیدُ اللهُ لِیُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَیُطَهِّرَكُمْ تَطْهِیْراً)، فتعیّن المراد من أهل البیت بقول رسول الله وبفعل رسول الله، فأصبحت السنّة المتفق علیها مفسّرة للایة المباركة.

فما معنی إذهاب الرجس عن أهل البیت؟

لابدّ من التأمّل فی مفردات الایة المباركة:

كلمة (إنّما) تدلّ علی الحصر، وهذا ممّا لا إشكال فیه ولا خلاف من أحد.

(یرید الله) الارادة هنا إمّا إرادة تكوینیّة كقوله تعالی: (إِذَا



[ صفحه 27]



أَرَادَ شَیْئَاً أَنْ یَقُولَ لَهُ كُنْ فَیَكُونُ) [1] ، وإمّا هی تشریعیّة كقوله تعالی: (یُرِیدُ اللهُ بِكُمُ الْیُسْرَ وَلاَ یُرِیْدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) [2] .

فالارادة، تارةً تكوینیّة، وأُخری تشریعیّة، وكلا القسمین واردان فی القرآن الكریم، ولله سبحانه وتعالی إرادة تكوینیّةوإرادة تشریعیّة، ولا خلاف فی هذه الناحیة أیضاً.

لكن المراد من «الارادة» فی الایة لا یمكن أن یكون إلاّ الارادة التكوینیّة، لان الارادة التشریعیّة لا تختص بأهل البیت، سواء كان المراد من أهل البیت هم الاربعة الاطهار، أو غیرهم أیضاً، الارادة التشریعیّة لا تختصّ بأحد دون أحد، الارادة التشریعیّة یعنی ما یرید الله سبحانه وتعالی أن یفعله المكلَّف، أو یرید أن لا یفعله المكلّف، هذه الارادة التشریعیّة، أی الاحكام، الاحكام عامّة تعم جمیع المكلّفین، لا معنی لان تكون الارادة هنا تشریعیّة ومختصّة بأهل البیت أو غیر أهل البیت كائناً من كان المراد من أهل البیت فی هذه الایة المباركة، إذ لیس هناك تشریعان، تشریع یختصّ بأهل البیت فی هذه الایة وتشریع یكون لسائر المسلمین المكلّفین، فالارادة هنا تكون تكوینیّة لا محالة.



[ صفحه 28]



(إنّما یرید الله لیذهب عنكم الرجس) و (الرجس) إذا رجعنا إلی اللغة، فیعمّ الرجس ما یستقذر منه ویستقبح منه، ویكون المراد فی هذه الایة الذنوب، (إنّما یرید الله لیذهب عنكم الرجس)، أی إنّما یرید الله بالارادة التكوینیّة أن یذهب عنكم الذنوب أهل البیت، ویطهّركم من الذنوب تطهیراً، فهذا یكون محصّل معنی الایة المباركة.

إنّ إرادة الله التكوینیّة لا تتخلّف، وبعبارة أُخری: المراد لا یتخلّف عن الارادة الالهیّة، (إِذَا أَرَادَ شَیْئاً أَنْ یَقُولَ لَهُ كُنْ فَیَكُون) [3] .

فإذا كانت الارادة تكوینیّة، والمراد إذهاب الرجس عن أهل البیت، فهذا معناه طهارة أهل البیت عن مطلق الذنوب، وهذا واقع العصمة، فتكون الایة دالّة علی العصمة.


[1] سورة يس: 82.

[2] سورة البقرة: 185.

[3] سورة يس: 82.